Monday, May 23, 2011

الإستفساء على إرادة الشعب

لا يخفى عليكم إنه مازال بعض من النخب المثقفة في مجتمعنا المصري تنادي بنقل السلطة من المجلس العسكري إلى مجلس رئاسي مدني أو وضع دستور جديد للبلاد قبل الإنتخابات الرئاسية والتشريعية أو حتى تأجيل الإنتخابات، وأنا لا أخفي عليكم أرى هذه النداءات في الوقت الحالي درباً من دروب العبث. ولكني أتعجب كثراً عندما تجلد هذه النخبة وتتهم بأنها لا تحترم إرادة الشعب وتريد الإلتفاف على قراره ولا تقدر مبادئ الديمقراطية ثم يتبين بعد تفكيرٍ موضوعي إن الذين يجلدون النخبة هم من يزورون إرادة الشعب!!

ترى في هذه الأيام تفسيرات عجيبة وغريبة ما أنزل الله بها من سلطان لنتيجة الإستفتاء، فبعضٌ يقول ال ٧٧٪ نعم كانت لشرعية حكم المجلس العسكري، وبعضٌ يقول إن نعم كانت للدولة الإسلامية أو إن نعم كانت للإستقرار (على أساس إن ال ٤ مليون الذين قالوا لا، لا يريدون الإستقرار) وما إلى ذلك من العبث الفكري والتلاعب بالحقائق لتلبيس الحق بالباطل. فمواد الإستفتاء ال١١ واضحة لم تذكر قط المجلس العسكري، أو إسلامية الدولة ولا الإستقرار!!! ثم انها لا تحتوي أي من هذه المواد على ميعاد للإنتخابات التشريعية أو الرئاسية. إذاً الشعب لم يستفتى في أي مواعيد للإنتخابات، فكيف إذا طلب تأجيل الإنتخابات يصبح هذا إلتفافاً على إرادة الشعب؟؟!!!

بل أنا لا أبالغ إذا قلت إن نقل السلطة لمجلس رئاسي مدني لا يتعارض مع نتائج الإستفتاء بأي شكل من الأشكال، لأن مواد الإستفتاء لم تذكر المجلس عسكري أبداً، ويستطيع المجلس الرئاسي إحترام نتيجة الإستفتاء!!! المجلس الرئاسي قد يتعارض مع الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري، لكن الشعب لم يستفتى عليه، فإذاً انها ليست إرادة الشعب بل إرادة المجلس العسكري.

إذاً أقول لمن يتهمون النخبة بالإلتفاف على إرادة الشعب، من أنتم؟؟ من عينكم المتحدث الرسمي بإسم الشعب؟ أي إرادة تتكلمون عنها؟؟ هل لأن مصالحكم تتماشى مع الطريق الحالي تتمسحون في الشعب وارادته؟ وأين كنتم عندما إستفتانى المجلس العسكري في ١١ مادة ثم أصدر إعلاناً دستورياً ب٦١ مادة؟ أليس هذا إلتفافاً على إرادة الشعب؟ أين كنتم عندما خيرونا بنعم أو لا فقط، مثلما كان يستفتى على الرئيس المخلوع بنعم ولا؟أين كنتم عندما لم يشرح المجلس العسكري ماذا تعني لا و تركها مجهولة المصير و هو يعلم أن الطبيعة البشرية تكره المجهول؟ أين كنتم عندما لم يخير الشعب بين أكثر من طريقة لإدارة المرحلة الانتقالية؟ أين كنتم؟

فارحمونا من مزيداتكم واتهاماتكم، فبعض من النخبة التي تتهمونها وقفت في وجه النظام المستبد البائد في وقت كانت بعض التيارات تتمسح فيه، وأنظروا إلى الإستفتاء على أساس موضوعي منهجي عادل،

حتى لا يكون الإستفتاء إستفساء.

No comments: